معارك واحداث

ملحمة اكنتران بالاوراس بلدية طامزة ولاية خنشلة

ذكرى خالدة لمجاهدين صنعوا التاريخ

في مثل هذا اليوم، 9 سبتمبر 1960، شهدت منطقة واد حويرة ببلدية طامزة، ولاية خنشلة، واحدة من أعظم ملاحم الكفاح الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي. معركة حويرة ليست مجرد اشتباك عسكري، بل هي نموذج للتضحية والفداء، حيث واجه 90 مجاهدًا من جيش التحرير الوطني جيشًا نظاميًا قوامه 7000 جندي مدعومًا بالطائرات والدبابات، في مواجهة غير متكافئة سجلت إحدى المحطات الناصعة في تاريخ الثورة الجزائرية.


الخلفية التاريخية وأسباب المعركة

قبل اندلاع المعركة، اجتمع قادة جيش التحرير الوطني في غابة لبراجة لدراسة الوضع العسكري في ظل اجتياح قوات الحلف الأطلسي للجزائر. كان الرأي السائد هو تفادي الاشتباك المباشر مع هذه القوات نظرًا لعدم تكافؤ العدة والعتاد، مع السماح للكتائب بالتفرق مؤقتًا. ومع ذلك، رفضت الكتيبة الأولى، بقيادة الشهيد الملازم رزق الله بلقاسم ونائبه الشهيد لقموم لخميسي، فكرة التفكك وأصرّت على مواصلة الكفاح، متجهةً نحو جبال فرعون عبر مسالك وعرة.


تفاصيل المعركة: صمود أسطوري رغم الحصار

وصلت الكتيبة إلى وادي حويرة ليلًا ظنًا منها أنها ابتعدت عن أعين العدو، إلا أن الجيش الفرنسي كان يراقب تحركاتها بواسطة أجهزته المتطورة. وفي فجر 9 سبتمبر، ومع بزوغ أولى أشعة الشمس، حلقت الطائرات الفرنسية بكثافة فوق المنطقة، إيذانًا ببدء معركة طاحنة.

بدأ الهجوم الفرنسي بإنزال كثيف للجنود، مما جعل المجاهدين يدركون أنهم في حصار محكم. وعلى الرغم من الفارق العددي الكبير، قاتل أبطال الجزائر بشراسة، مسقطين طلائع القوات الفرنسية بالكامل، مما أجبر العدو على التراجع مؤقتًا لإعادة تنظيم صفوفه.

في تلك اللحظات، أمطرت الطائرات الفرنسية مواقع المجاهدين بوابل من القنابل، إلا أن ذلك لم يثنِهم عن القتال. استمرت المواجهات لساعات طويلة، واستشهد العديد من الأبطال واحدًا تلو الآخر، فيما تكبدت القوات الفرنسية خسائر فادحة تجاوزت 600 قتيل.

مع حلول الليل، استطاع ستة مجاهدين، بينهم قائد الكتيبة، التسلل والخروج من ميدان المعركة. غير أن الشهيد رزق الله بلقاسم قرر العودة إلى أرض المعركة لمشاركة رفاقه مصيرهم البطولي، حيث استشهد صبيحة اليوم التالي بعد قتال بطولي حتى اللحظة الأخيرة.


حصيلة المعركة: تضحية مجيدة في سبيل الوطن

خسائر جيش التحرير الوطني:

  • 86 شهيدًا، معظمهم سقطوا في أرض المعركة بعد مواجهة غير متكافئة.
  • 4 جرحى تمكنوا من الفرار والتسلل ليلاً.

خسائر الجيش الفرنسي:

  • 600 قتيل، مما يعكس شراسة القتال وبسالة المجاهدين.
  • 3 طائرات حربية تم إسقاطها، وتم تحويل هياكلها إلى مواقع أخرى بعد الاستقلال.

أسماء خالدة في سجل الشرف

شهداء معركة واد حويرة:

  • رزق الله بلقاسم
  • لقموم لخميسي
  • منصري بشير
  • خنافر محمود
  • مباركية امحمد
  • لعور عمار
  • معيوف عمر
  • عوايجية أحمد
  • جوادي بشير
  • عرعار مسعود
  • عرعار محمد
  • عرعار محمود
  • شرقية عبد المجيد
  • عايشي الهادي
  • براح محمد الصالح
  • مكرسي السعيد
  • شعباني بشير
  • عايب رمضان
  • عايب زياد
  • فروج بوزيد
  • تمسرار علي
  • قلقول علي
  • ليتيم بلقاسم
  • فاتح قبايلي بن اونيس
  • خلاف الجمعي
  • خلاف الطيب
  • خلاف عمار
  • حراث الجمعي
  • حراث محمد
  • منعة محمد
  • بوخنتاش صالح
  • بوغقال بلقاسم
  • حكار عبدالله
  • سعيدي عبد المجيد
  • بركات الطاهر
  • بوهلال عمار بلقاسم
  • نعايمي بشير
  • سوفي راشي
  • عبد العظيم عبدالله
  • بكرون فرحات
  • عقون الصادق
  • بريش بلقاسم
  • لعجال محمد
  • بوسلمانية الطاهر
  • بلهوشات بلقاسم
  • رغيس لخميسي المدهو لموشي
  • كرازدي محبوبي
  • بركاني أحمد
  • زياني علي
  • سوفي مسعود
  • جعرير محمد الصالح
  • بن زرارة ساعد
  • عروف معاش
  • بلفوناس السعيد
  • غنيمي بلقاسم
  • أوبان عبدالقادر
  • زغداني امحمد
  • بوهلال هلال
  • شايب السعيد
  • جريدي أحمد
  • جريدي محمد
  • ليتيم علاوة
  • مباركية فاطمة

هذه الأسماء ليست مجرد حروف محفورة في السجلات، بل هي أرواح ناضلت من أجل كرامة الجزائر وحريتها، ودماء سالت لتروي أرض الوطن، وتُسجّل في ذاكرة التاريخ الوطني.


إرث معركة واد حويرة: ملحمة تُلهم الأجيال

معركة واد حويرة ليست مجرد ذكرى تُخلَّد سنويًا، بل هي درس في الصمود والإيمان بعدالة القضية. لم يكن الهدف من القتال تحقيق نصر عسكري بقدر ما كان إثباتًا لعزيمة الشعب الجزائري في مقاومة المحتل، مهما كانت الظروف. لقد أظهرت هذه الملحمة مدى إصرار المجاهدين على التضحية من أجل الاستقلال، حتى في أحلك الظروف.

إن تخليد هذه المعركة هو واجب وطني، يُعيد للأذهان تضحيات الشهداء ويُعلّم الأجيال الجديدة قيمة الحرية التي تحققت بدماء الأبطال.


خاتمة: المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

يبقى يوم 9 سبتمبر 1960 شاهدًا على تضحيات الجزائريين من أجل الحرية والاستقلال. إن إحياء ذكرى هذه المعركة ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو تأكيد على الوفاء لدماء الشهداء، ورسالة إلى الأجيال القادمة بأن الحرية ثمنها غالٍ، ولا تُصان إلا بالتضحية والإخلاص للوطن.

تحيا الجزائر حرة أبية، والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى